29 - 06 - 2024

نبضة| "اللا مستحيل" في وكالة الفضاء المصرية

نبضة|

مجالسة العلماء عبادة، وفى وكالة الفضاء المصرية جلسنا فى حضرة الخبراء والعلماء وعرفنا أين تقع مصر الآن فى مجال الفضاء، ومامعنى أن يكون فى مصر وكالة للفضاء؟.

بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة، وفى مواجهة مسجد الفتاح العليم تقع مدينة الفضاء المصرية على مساحة 123 فدانا التى تقع فيها وكالة الفضاء، صدر قرار جمهورى بانشاء الوكالة فى 22 أغسطس 2018  بعد موافقة البرلمان فى يناير 2018 على القانون رقم 3 لسنة 2018 بتأسيسها.

تجولنا بصحبة العالم الاستاذ الدكتور محمد القوصى – المدير التنفيذى للوكالة - لفت نظرى فى الجولة البشر قبل التجهيزات والانشاءات، شباب مصرى (نساء ورجال) فى قمة الحماس من خريجى كليات الهندسة والعلوم والحاسبات والمعلومات يقومون بالعمل فى كافة الاقسام من جامعات بنها وحلوان والقاهرة، لازالت الجامعات الحكومية قادرةعلى تخريج كفاءات عقولهم متفتحة تتجه نحو المستقبل وعلومه.

خلال الإستماع إلى عرض د. القوصى عن تأسيس الوكالة وإختصاصاتها قفز إلى ذهنى مصطلح "التربية الفضائية"، فالوكالة مهتمة بوصول ثقافة الفضاء إلى أفراد المجتمع، وبالفعل توجد برامج  لتدريب وتعليم طلاب المدارس من المراحل التعليمية المختلفة وطلاب كليات الهندسة والحاسبات والعلوم.

وفسر لنا د. القوصى سبب الاهتمام بنشر ثقافة الفضاء؟ قال: عندما يعرف الطالب تكوين القمر الصناعى وطريقة تصنيعه وكيفية تشغيله وإستخداماته، وعندما يرى ويلمس نموذجا مصغرا، ويدرك أن بامكانه عمل قمر صناعى يلتقط صورا بالفعل، سيؤدى ذلك لكسر حاجز الخوف فالانسان عدو ما يجهل، وإذا أدرك الشباب ثقافة الفضاء - حتى ولو لم يعمل فى المجال - فمن السهل أن يدخل مجال النانو تكنولوجي، ومن السهل أن يدخل مجال الذكاء الاصطناعى لتترسخ ثقافة اللا مستحيل.

إستمعنا من الدكتور القوصى والخبراء فى الوكالة لأخبار تتعلق بالمستقبل، ومنها إطلاق قمريين صناعيين خلال الفترة من مارس وحتى يونيه 2022 بخبرة مصرية دون الاعتماد على خبرات أجنبية، أحدهما تم بالتعاون مع هندسة بنها قام الطلاب والمعيدون بتصميمه وتصنيعه، والثانى تم تصنيعه بالكامل فى الوكالة.

تحدث "القوصى"عن برنامج الفضاء المصرى(2020-2030) الذى يحدد خطة مصر الفضائية فى ضوء استراتيجية التنمية المستدامة ويتتضمن البرنامج مشروع قمر سات -2 الذى سيتم إطلاقه 2023 بالتعاون مع الصين وترفع فيه نسبة المكون المصرى إلى 60% بعد أن كانت 45%.

والحديث عن المستقبل تلزمه خلفية تاريخية عن بداية مصر فى مجال الفضاء، فالمقر الحالى للوكالة تم تخصيص أرضه عام 2004، حيث تم تخصيص 100 فدان لاقامة الوكالة، وفى 2018 أضيف لها 23 فدانا، وقبل قرار التخصيص عام 2004 بأربع سنوات وضع خبراء الفضاء المصريون برئاسة العالم الدكتور على الصاوى إسترتيجية  الفضاء المصرية.

وفى 2004 تم إنشاء محطة أسوان لاستقبال صور الأقمار الصناعية وهى تغطى جنوبا حتى منابع النيل، وفى 2006 تم تأسيس أول محطة تحكم فى الأقمار الصناعية بالقاهرة الجديدة، وفى 2007 تم إطلاق أول قمر بالتعاون مع أوكرانيا، وعام 2010 تم عمل نموذج لكاميرا عالية الدقة تلتقط الصور من أى مكان داخل مصر وتنقله لمحطة أسوان وهو ما يساعد الدولة فى التخطيط، وفى 2011 تم تأسيس معمل الأقمار التعليمية، وفى 2015 تم إنتاج أول حاسب قمر صناعى ومشروع القمر التجريبي، وفى 2016 كان مشروع قمر الجامعات الذى شاركت فيه 16 جامعة مصرية، وفى فبراير 2019 تم إطلاق  قمر صناعى مصرى من فلوريدا، وفى أكتوبر من نفس العام تم إطلاق قمر صناعي مصري أطلقته وكالة الفضاء اليابانية، هذه الخلفية التاريخية اكتملت بتأسيس وكالة الفضاء المصرية، وما سبق أهّل مصر للفوز باستضافة وكالة الفضاء الافريقية رغم المنافسة الشديدة من دول أفريقية أخرى، وتستهدف الجهود الأفريقية بالتعاون مع وكالة الفضاء اليابانية إطلاق قمر صناعى أفريقى تشترك فيه عدة دول، وهو قمر تنموى يعيد إكتشاف موارد أفريقيا.

قد يقفز سؤال إلى ذهن القارئ، ماهى الفائدة التى ستعود عليه من وجود وكالة فضاء أو من إطلاق أقمار صناعية مصرية؟

والإجابة فى استخدامات الأقمار الصناعية من رصد التغييرات المناخية ومراقبة غازات الاحتباس الحراري، ومايترتب عليها من تأثيرات على الصحة والغذاء وفرص العمل وكافة مناحى الحياة، وكذلك رصد التلوث فى البحر الأحمر والبحيرات، كما أن لها تطبيقات فى اكتشاف الموارد والوصول لأماكن نائية لم تصل إليها خدمات الاتصالات والانترنت.

خلاصة الجولة داخل وكالة الفضاء المصرية، ضمن زيارة قامت بها جمعية كتاب البيئة والتنمية، "علموا أولادكم علوم الفضاء" ورسخوا فى عقولهم ثقافة "اللا مستحيل".
-------------------------
بقلم: نجوى طنطاوي

مقالات اخرى للكاتب

أنا وانت والمناخ | الموضة المستدامة





اعلان